إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الآشوريون والمسيحيون يتعرضون لإبادة حقيقية في سوريا والعراق .. مقابلة وكالة "سبوتنيك" الروسية مع فكتوريا توما عضو مجلس إدارة "المرصد الآشوري لحقوق الإنسان"

 وكالة "سبوتنيك" 27 فبراير 2015 وسام متّى:  
حذرت عضوة مجلس إدارة "المرصد الآشوري لحقوق الإنسان" فكتوريا توما، اليوم الجمعة، من خطورة ما يجري في المناطق الآشورية التي تتعرض لهجمات تنظيم "الدولة الإسلامية"، ("داعش")، مؤكدة الأنباء عن اختفاء 280 شخصاً، يرجح أن يكونوا قد خطفوا على يد التنظيم المتشدد، ووصفت توما، في حديث لـ"سبوتنيك"، الأوضاع في المناطق ذات الغالبية الآشورية في سوريا والعراق، بأنها "مأساوية، قائلة إن "الآشوريين المسيحيين يتعرضون لإبادة حقيقية وعملية اقتلاع من جذورهم". وأضافت، إن "ما عرف بشأن الضحايا (الشهداء) حتى الآن هو سبعة أشخاص"، مشيرة إلى أن "عشر بلدات وقرى (آشورية) باتت في أيدي تنظيم "داعش"، الذي أحرق وهدم كنائس ومنازل عدّة". ولفتت توما إلى أن "أكثر من 35 قرية وبلدة آشورية خلت من سكانها، خوفاً من امتداد خطر التنظيم الإرهابي"، مضيفة، بأن "أكثر من 1200 عائلة نزحت بين الحسكة والقامشلي، فيما نزح قسم آخر في كردستان العراق، في ظل ظروف صعبة، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا غذاء كاف، بالإضافة إلى عدم وجود وقود للتدفئة".
وأكدت توما، أن "الاشتباكات مستمرة في بلدة تل نمر، وبلدات وقرى الخابور، بين تنظيم "داعش" الذي يريد السيطرة عليها، وقوات الحماية الشعبية الكردية وعناصر من حرس الخابور والمجلس العسكري السرياني المدافعة ببسالة عن البلدة". وأضافت بأن "مصير 280 شخصاً، بينهم نساء وأطفال، غير معروف حتى الآن، ما بين مختطفين ومجهولي المصير".
وتحدثت توما، في حديثها إلى "سبوتنيك"، عن المخاطر القائمة اليوم على المسيحيين بشكل عام والآشوريين بشكل خاص، قائلة "هناك قلق على الوجود والخوف من مصير مظلم بوجود تنظيم القاعدة والمتشددين كما هي الحال في مدينتي الرقة ودير الزور ورأس العين التي خلت من آشورييها تماماً، بعد وقوعها تحت سيطرة الإسلاميين المتشددين، بالإضافة إلى تدمير كنائسهم الأثرية والقديمة والخوف كذلك من متاجرة أطراف المتصارعة في البلاد بالمسيحين، وخصوصاً وهنالك تجارب كثيرة منها ما شهدته بلدة صدد السريانية الآشورية في ريف حمص التي تخلى عنها النظام (السوري) وسلمت إلى الإسلاميين المتشددين الذين دمروا أحياء من البلدة، وقتلوا أكثر من 50 من الرجال والنساء والأطفال من السريان الآشوريين في البلدة، وهذا الشيء تكرر في معلولا ومحردة".
وأضافت توما إلى المخاطر "الهجرة القسرية تحدث بسبب الحالة الأمنية والمعيشية السيئة في سوريا، بالإضافة إلى تنامي الشعور بالخوف من المستقبل خاصة بعد مذابح الآشوريين (السريان /الكلدان) المتكررة في المنطقة بدءا من العامين 1860 و 1895، مروراً بمذابح الإبادة الجماعية (السيفو)، وهذه المرحلة عرفت قوافل هائلة من الشهداء الآشوريين، واستمرار هذه المجازر حتى يومنا هذا".
مذابح "السيفو"، وتعرف كذلك بالمذابح الآشورية أو مذابح السريان ، تطلق على سلسلة من العمليات الحربية التي شنتها قوات نظامية تابعة للدولة العثمانية بمساعدة مجموعات مسلحة شبه نظامية، استهدفت مدنيين آشوريين وسريان وكلدان أثناء الحرب العالمية الأولى وبعدها، وأدت هذه العمليات إلى مقتل مئات الآلاف منهم كما نزح آخرون من مناطق سكناهم الأصلية في جنوب شرق تركيا الحالية وشمال غرب إيران.
وقالت توما، في حديثها إلى "سبوتنيك"، إن "الغزوات الهمجية لتنظيم "الدولة الإسلامية" والمجموعات المتشددة على البلدات والقرى المسيحية، وما حدث في الموصل وقرى وبلدات سهل نينوى في العراق، أكبر دليل على استمرار هذه المذابح، وكذلك ما يحدث في القرى والبلدات الآشورية في الخابور الحسكة". وأشارت إلى أن هذه الهجمات تأتي في ظل مشاكل أخرى، يعاني منها الآشوريون والمسيحيون بشكل عام و"هي تلعب دوراً في زرع الخوف في قلوبهم"، ومن بينها "عمليات الاعتقال التعسفية التي يقوم بها النظام السوري تجاه الناشطين الآشوريين المسيحين، فهناك اثنان من قيادات الآشوريين يحاكمان أمام محاكم الإرهاب (كبرئيل كورية وسمير إبراهيم )، بالإضافة إلى مقتل قيادي مسيحي شيوعي معارض تحت التعذيب في فروع المخابرات السورية ( بسام غيث)، وغيرها من الانتهاكات التي تمارسها السلطات الحكومية ضد الأحزاب والتجمعات الآشورية المعارضة والتي تعتمد السلمية في نضالها".
وتحدثت توما كذلك عن "عمليات الاختطاف التي تقوم بها الجماعات الإسلامية المتطرفة كـ"الدولة الإسلامية" والنصرة وغيرها"، مشيرة إلى أن "هذه العمليات باتت تستهدف الآشوريين والمسيحين بشكل خاص مؤخراً، ومن بينها اختطاف العديد من المواطنين الآشوريين والمسيحين بشكل عام، وعملية اختطاف راهبات معلولا، وتدمير وتهجير الآشوريين وفرض الجزية عليها، والكثير من الحالات، التي لاتنتهي جميعها بطريقة سعيدة". وأضافت توما إلى "الاختفاء القسري لمطراني حلب يوحنا ابراهيم وبولس يازجي اللذين اختطفا قبل سنة وسبعة أشهر ولا معلومات مؤكدة حول مصيرهما أو الجهة الخاطفة حتى اليوم، بالإضافة لثلاثة كهنة".
وتابعت "لابد من الإشارة إلى أن المسيحين في سوريا والعراق لا يجدون في ظل هذه الأزمات القائمة أي طرف دولي أو إقليمي يدعمهم ويدعم وجودهم في المنطقة، بل على العكس، فإن الكثير من الدلائل، ومن بينها اللامبالاة الدولية إزاء حالتهم المأساوية وتركهم لوحدهم يواجهون مصيراً بائساً في ظل ثقافة سائدة في المنطقة وهي ثقافة السلاح والموت، تجعلهم يشعرون بأن وجودهم في بلادهم واستمرار العيش في هذه الأرض التي منها اعطوا العالم الأبجدية والقانون والعلوم والفن والموسيقى والطب وغيرها، أصبح مستحيلاً فإما الموت بصمت على أيدي المجموعات الإرهابية، والعالم يشاهد دون تحرك، أو الخروج طلباً لمكان آمن خارج بلادهم، والخياران صعبان وأحلاهما مرّ".
ورداً على سؤال من "سبوتنيك" حول ما يطلبه المسيحيون في سوريا من المجتمع الدولي لوقف هذه الكارثة، قالت توما: "المطلوب قبل كل شيء إيجاد حل لموضوع أكثر من 280 آشورياً مسيحياً، بين مختطفين ومجهولي المصير، والعمل على أن تكون نهاية هذا الملف نهاية سعيدة، بالإضافة لإغاثة العائلات النازحة والتي تجاوز عددها 1200 عائلة تعيش في ظروف قاسية جداً". وتابعت "المطلوب كذلك من الدول الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا والتحالف الدولي ضد "داعش"، أن تتبنى خطة عملية وجدية وسريعة للقضاء على "داعش" خلال شهور وليس خلال سنوات، والمقصود هنا القضاء على "داعش"، ليس في المناطق المسحية، بل في كل المنطقة، فالخطر يتهدد اليوم قرى الخابور، ولكننا لا نعلم ما الوجهة المقبلة لهم"، محذرة من أنه "إذا لم يتم هذا التحرك السريع فأعتقد أن شعوب ومكونات عدّة في المنطقة ستباد خلال المرحلة المقبلة".
وختمت "المطلوب تأمين حماية دولية عبر قرار ملزم من مجلس الأمن الدولي ووفق البند السابع للأقليات والمكونات القومية والدينية المهددة بوجودها بسوريا والعراق، من ضمنها الشعب الآشوري الكلداني السرياني المسيحي. ومده بالسلاح لكي يتمكن من الدفاع عن نفسه".

إرسال تعليق

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *