 |
نصائح عملية ومدروسة لتعزيز الصحة النفسية والعقلية لدى كبار السن |
إعداد : المهندس معن حيدر
تُعد مرحلة الشيخوخة مرحلة طبيعية في مسار الحياة، لكنها غالباً ما تترافق مع تحديات صحية وجسدية ونفسية قد تُثقل كاهل الفرد، مثل ازدياد الأمراض المزمنة، تراجع القدرة الوظيفية، فقدان الشريك أو الأصدقاء، وضعف الروابط الاجتماعية. كما أن تشخيص الاضطرابات النفسية في هذه المرحلة قد يكون صعباً، لأن العديد من أعراضها تظهر على شكل مشكلات جسدية، كفقدان الشهية أو الوزن، التعب المستمر، واضطرابات النوم.
وتُعد بعض الفئات من كبار السن أكثر عرضة لتدهور الصحة النفسية، مثل النساء، كبار السن غير المتزوجين، ذوي الدخل المحدود، الأشخاص ذوي الإعاقة أو الأمراض المزمنة، بالإضافة إلى أولئك الذين يعانون من العزلة الاجتماعية. ويُعتبر الاكتئاب من بين أكثر الاضطرابات النفسية انتشاراً في هذه الفئة، حيث يُنظر إليه اليوم بوصفه مشكلة صحة عامة تتطلب وعياً مجتمعياً وتعاملاً جدّياً.
الاكتئاب والقلق لدى كبار السن
يختلف الاكتئاب لدى كبار السن عن غيرهم من الفئات العمرية، إذ غالباً ما يكون مساره طويلاً وأعراضه أقل وضوحاً. في كثير من الحالات، تظهر المعاناة النفسية عبر شكاوى جسدية، مثل اضطرابات النوم أو آلام الجسد أو الإرهاق المتواصل، دون تصريح مباشر عن مشاعر الحزن أو اليأس. ويُلاحظ أيضاً ارتباط وثيق بين الاكتئاب والخرف عند بعض كبار السن، كما أن القلق يكون شائعاً ويصاحب الاكتئاب في كثير من الأحيان.
تتعدد أسباب الاكتئاب والقلق بين عوامل بيولوجية مرتبطة بتغيرات الدماغ، وعوامل نفسية واجتماعية تتعلق بفقدان الأحبة، تغيّر الدور الاجتماعي، الشعور بالضعف الجسدي، أو القلق الوجودي. وللأسف، يرتفع خطر الانتحار لدى كبار السن، وخاصةً الرجال، مما يجعل التدخل النفسي والرعاية الاجتماعية أمراً بالغ الأهمية. ويمكن علاج هذه الحالات عبر العلاج النفسي أو الأدوية أو مزيج منهما، إضافةً إلى دور البيئة الداعمة.
الوقاية من الاضطرابات النفسية وتعزيز جودة الحياة
تُظهر الخبرات الصحية والدراسات المتخصصة أن أسلوب الحياة الصحي يمكنه التخفيف من مخاطر الإصابة بالاكتئاب والخرف، وحتى الحد من تدهور الذاكرة. ومن أهم الأساليب الوقائية:
- التواصل الاجتماعي: الحفاظ على شبكة علاقات مع العائلة والأصدقاء، أو المشاركة في أنشطة نوادٍ مجتمعية، يحد من العزلة ويقلل من الاكتئاب.
- النشاط البدني: المشي، السباحة، الرقص، أو حتى التمارين البسيطة المنتظمة تساعد على تنشيط الجسم وتحسين تدفق الدم للدماغ. وتوصي منظمة الصحة العالمية بـ 150 دقيقة أسبوعياً من النشاط البدني المعتدل.
- التحفيز الذهني: القراءة، حل الكلمات المتقاطعة، تعلم لغة، أو العزف على آلة موسيقية، كلها تُنشط الدماغ وتعزز قدرته على التكيّف وبناء روابط عصبية جديدة.
- الغذاء الصحي: اتباع النظام الغذائي المتوسطي (الخضروات، الأسماك، الحبوب الكاملة، زيت الزيتون) يعزز صحة الدماغ ويقلل خطر الخرف. أما السكريات والدهون المتحولة فيُفضل تجنبها.
- نوم كافٍ وجودة راحة: النوم الجيد أمر أساسي للذاكرة والمزاج. يُساعد التقليل من استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم وتهيئة غرفة هادئة ومظلمة على تحسين النوم.
- إدارة التوتر: التأمل، المشي في الطبيعة، التمارين التنفسية، أو العلاج السلوكي تساعد في تقليل القلق والتوتر.
- معالجة الأمراض الصحية المصاحبة: علاج ارتفاع الضغط، السكري، الاكتئاب، أو فقدان السمع يُحسن نوعية الحياة ويمنع التدهور المعرفي. فمثلاً، استخدام أجهزة السمع عند الحاجة يساهم في تقليل العزلة ويحمي القدرات الدماغية.
في الختام:
إن تعزيز الصحة النفسية لدى كبار السن ليس مسؤولية فردية فحسب، بل هو واجب عائلي ومجتمعي. قليل من الاهتمام، بعض الوقت للحوار، لمسة دعم، وأنشطة بسيطة لكن مستمرة، يمكن أن تُحدث فرقاً عميقاً في الحياة اليومية لكبار السن وتمنحهم إحساساً بالكرامة، الانتماء، والطمأنينة.
مصادر موثوقة للمزيد من المعرفة والدعم (باللغة السويدية)
- المجلس الوطني للصحة والرعاية الاجتماعية
- دليل المعرفة حول الصحة العقلية لدى كبار السن
- دليل “العقول تشعر بالراحة” لمن تجاوزوا 65 عاماً (PDF)
- الجمعية السويدية للخرف – نصائح للوقاية
- الهيئة السويدية للصحة العامة
