إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

كلمة المدير التنفيذي للمرصد الآشوري لحقوق الإنسان، جميل دياربكرلي، في المؤتمر الآشوري العالمي بَيريفان - أرمينيا.

الآشوريون وحقوق الإنسان – نضال مستمر من أجل الاعتراف والعدالة - المؤتمر الآشوري العالمي 2025
كلمة المدير التنفيذي للمرصد الآشوري لحقوق الإنسان، جميل دياربكرلي، في المؤتمر الآشوري العالمي بَيريفان - أرمينيا. يناقش دياربكرلي النضال التاريخي والمعاصر للشعب الآشوري من أجل الحفاظ على الهوية، ومطالبه العادلة بالاعتراف الدولي، والعدالة الانتقالية، وحماية حقوق الإنسان. الكلمة تتناول انتهاكات الماضي والحاضر، مع دعوة ملحة لتفعيل القانون الدولي ودعم المجتمع العالمي.

الآشوريون وحقوق الإنسان – نضال مستمر من أجل الاعتراف والعدالة

جميل دياربكرلي: المدير التنفيذي . المرصد الآشوري لحقوق الإنسان

السيدات والسادة،

إنه لمن دواعي الفخر والامتنان أن أكون بينكم اليوم في هذا المؤتمر الآشوري العالمي، الذي نجح منذ لحظاته الأولى في توحيدنا حول همّ مشترك ومصير واحد. هذا الحضور الآشوري المتنوع، الممتد من الشتات إلى الأرض، هو شهادة حية على عمق ارتباطنا بقضايانا وعلى إرادتنا الجماعية في الدفاع عن وجودنا وحقوقنا.

حضرات السيدات والسادة،

يحمل عنوان كلمتي اليوم "الآشوريون وحقوق الإنسان"، وهو ليس شعاراً نظرياً، بل وصفٌ دقيقٌ لمسار طويل من النضال خضناه كشعب عريق، واجه الكثير من محطات الألم والاضطهاد، لكنه لم يتنازل يوماً عن هويته أو يتخلّ عن أحلامه المشروعة في العدالة.

لقد أسهم شعبنا الآشوري في بناء واحدة من أعرق الحضارات في التاريخ، ومع ذلك ظل وجوده الحديث مهدداً، وحقوقه مفقودة أو منتهكة في أماكن تواجده، وخصوصاً في أوطانه الأصلية. ومن هنا، فإن نضالنا لا يندرج في إطار المطالب الثقافية أو القومية فقط، بل هو في جوهره نضالٌ حقوقي مشروع، يستند إلى مبادئ القانون الدولي والشرعة العالمية لحقوق الإنسان.

حقوق الإنسان، كما نعلم جميعاً، تبدأ من الحق في الحياة والكرامة والأمان. وشعبنا، وللأسف، كان ضحية لسلسلة طويلة من الانتهاكات؛ من المجازر الجماعية في بدايات القرن الماضي إلى موجات التهجير القسري والانتهاكات المعاصرة التي طالت الوجود الآشوري في مناطقه التاريخية.

ومن هذا المنطلق، تضع القوانين الدولية لحماية الأقليات إطاراً قانونياً واضحاً ينصّ على:

أولاً: عدم التمييز – من حق أبناء الأقليات التمتع بجميع الحقوق والحريات الأساسية على قدم المساواة مع جميع المواطنين، دون تمييز بسبب الدين أو اللغة أو الانتماء الثقافي.

ثانياً: الحق في الحفاظ على الهوية – من واجب الدول ضمان حرية الأقليات في الحفاظ على ثقافتها، ولغتها، ومعتقداتها، ونقلها للأجيال القادمة دون قيود.

ثالثاً: المشاركة الفعالة في الحياة العامة – ويعني ذلك إتاحة الفرصة للمشاركة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية دون إقصاء أو تهميش.

وإلى جانب ذلك، يمكن أيضًا النظر إلى الآشوريين من زاوية قانون الشعوب الأصلية. ورغم أن هذا الإطار يرتبط غالباً بالسياقات الاستعمارية، إلا أن مبادئه تنطبق بوضوح على واقعنا كشعب أصيل له جذور ضاربة في عمق الأرض والتاريخ، وثقافة ولغة وهوية فريدة.

هذا القانون يؤكد على:

  • الحق في تقرير المصير – أي حق الشعوب في اختيار مصيرها السياسي والثقافي والاقتصادي بحرية.
  • الحق في الأرض والموارد – إذ ترتبط الشعوب الأصلية ارتباطاً تاريخياً وروحياً بأراضيها، ومن حقها الحفاظ عليها والدفاع عنها.
  • الحق في حماية وتطوير الثقافة واللغة – وهو ما يُعد جزءاً لا يتجزأ من الحقوق غير القابلة للتصرف.

وهنا لا بد من التنويه إلى حقيقة مؤلمة، وهي أنه، وحتى هذه اللحظة، ورغم كوننا شعباً أصيلاً يمتلك جذوراً تاريخية وثقافية عميقة في هذه المنطقة، لا يوجد حتى الآن أي اعتراف أممي رسمي بأصالتنا كشعب. إن هذا الغياب لا يمثّل فقط تقصيراً دولياً في إنصافنا، بل يعكس أيضاً خللاً ذاتياً في آليات طرح قضيتنا.

فالحق، وبكل وضوح، لا يقع فقط على المجتمع الدولي، بل علينا نحن أيضاً. لقد أخفقنا حتى الآن في تسويق قضيتنا العادلة بالصورة التي تستحق، وفي بناء خطاب حقوقي مؤسساتي قادر على اختراق جدران الصمت العالمي. وكل ذلك يعود بدرجة كبيرة إلى تجاهلنا العميق للثقافة الحقوقية، وتقديمنا لأوهام كبرى على حساب الواقعية السياسية والحقوقية. إن انجرارنا في أوقات معينة وراء خيار العسكرة – الذي لم ولن يكون في متناولنا لا كوسيلة دفاع ولا كأداة ضغط – أضعف منطقنا الأخلاقي، وشتّت أولوياتنا، وضيّع على شعبنا فرصاً حقيقية كان يمكن أن تسهم في تحقيق مكاسب حقوقية فعلية.

أيتها الأخوات والإخوة،

إن هذه النصوص والمواثيق الحقوقية ليست أوراقاً نظرية، بل أدوات يجب أن نحسن استخدامها. وعلى هذا الأساس، فإن مطالبنا واضحة وعادلة:

  • نطالب بالحماية الدولية، كي نتمكن من البقاء بكرامة وأمان في مناطق تواجدنا التاريخية.
  • نطالب بالاعتراف بهويتنا الآشورية، كلغة وثقافة وتاريخ، وكمكوّن أصيل في النسيج الحضاري الإنساني.
  • نطالب بالتمثيل والمشاركة العادلة في مؤسسات الدول التي نعيش فيها، كي نكون شركاء حقيقيين في صنع السياسات التي تمسّ مستقبلنا.
  • نطالب بتحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة مرتكبي الجرائم والانتهاكات بحق شعبنا، ورد الاعتبار للضحايا.

إن مسؤولية الدفاع عن حقوقنا ليست مسؤولية فرد أو منظمة بعينها، بل هي مسؤولية تاريخية تقع على عاتق كل واحد منا. من خلال التوعية المستمرة بقضيتنا العادلة، والتوثيق الدقيق للانتهاكات التي تعرضنا لها وما زلنا نتعرض لها، والمطالبة السلمية بحقوقنا عبر جميع القنوات القانونية والدولية المتاحة، يمكننا أن نخطو خطوات ثابتة نحو مستقبل أفضل يضمن لشعبنا الكرامة والأمان والازدهار على أرض آبائنا وأجدادنا. مسؤوليتنا جميعاً أن نحمل هذه الرسالة وأن نكون جسراً بين جراح الماضي وأمل المستقبل.

فلنُدرك أن صوتنا، حين يتحد، يمكن أن يطرق أبواب العالم. وأن حقوقنا، حين نتمسك بها من موقع القانون والعدالة، لا يمكن تجاهلها إلى الأبد.

شكرًا لحسن استماعكم وتكاتفكم.

المؤتمر الآشوري العالمي
يرفان _ أرمينيا 25 أبريل / نيسان 2025

كلمة المدير التنفيذي للمرصد الآشوري لحقوق الإنسان، جميل دياربكرلي، في المؤتمر الآشوري العالمي بَيريفان - أرمينيا. يناقش دياربكرلي النضال التاريخي والمعاصر للشعب الآشوري من أجل الحفاظ على الهوية، ومطالبه العادلة بالاعتراف الدولي، والعدالة الانتقالية، وحماية حقوق الإنسان. الكلمة تتناول انتهاكات الماضي والحاضر، مع دعوة ملحة لتفعيل القانون الدولي ودعم المجتمع العالمي.


يهدف المرصد الآشوري لحقوق الإنسان لرفع مستوى الوعي فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان التي يعاني منها المجتمعات المسيحية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وايضا لتعزيز وترسيخ قيم الديمقراطية والتنوع بين …

إرسال تعليق

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *